الأعزاء نادية والدحيش..سلام عليكم
وسلام على الجميع
جميل الموضوع يا نادية..موضوع توزيع السنة على منازل ..او هذا "التقويم" الشعبي الخاص ..
* أذكر أن والدي ارسلني ذات مرة لعمنا مكي ود الشيخ علي أو لي عمنا مدني أحمد اللمين- عليهم رحمة الله الواسعة جميعاً- المهم أرسلني لي واحد فيهم، ومشيت جبتا ليهو
منه ورق مكتوب بخط اليد فيهو كل أسماء المنازل وتوزيعها بالتواريخ متى يبدأ المنزل ومتى ينتهي.ومع كل منزل مكتوب وصفه مثلاً "سعد ذابح ..لاطيراً طاير لا كلباً نابح" وسعد ذابح هو منزل شتوي فمن شدة البرد فيه كل الحيوانات تكون في مساكنها ولا تتحرك كثيراً.
او "سعد السعود ..مطر ورعود"..وهكذا . وهي محفوظة عند اهل الريف بهذا التعريف المأخوذ من صفاتها..كما انهم وبذكائهم الطبيعي ومعرفتهم لهذه المنازل إمتدت لدرجة معرفة أي منزل تصلح مطره للزراعة وتنجح ..وأيهم لا تنجح زراعته وآخر لاتنجح زراعته إلا بنجاح المنزل الذي يعقبه مثلاً وهكذا.
(طبعاً لاحقاً عرفت أنني أضعت كنزاً كان يمكن الإستفادة منه وأعني تلك الاوراق او الشخص الذي كتبها )!!!!
* في ذاكرتي أيضاً شخص عالم وخبير ببواطن هذه الأمور، وأذكر انني كم مرة فكرت في الإلتقاء به ولكن لم أتمكن وبكل أسف، هذا الرجل من جيهة كبوشية او المناطق التي حولها، وهو في الأصل منصوري، أظن أن إسمه "بكوري"
وهو عَلم معروف، في تلك المنطقة.كان الناس عندما ينتظرون الخريف بكل أشواقهم وتمنياتهم للزراعة وللرعي، كانوا يستشيرون بكوري هذا المنصوري، وعلى هامش سوق كبوشية (على "هامش" سوق كبوشية؟ هههه .بعد كتبتها بقيت أضحك فيها .فسوق كبوشية فعلاً كان عبارة عن مؤتمر او مهرجان أسبوعي اكثر من كونه سوق
) المهم على أطراف سوق الاربحاء في كبوشية الناس يلتقون بالمنصوري هذا فيفتيهم في الأمر- فمثلاً يقول:
(والله الليلة اليوم الرابع في منزل "التِريا" ولحدي هسه السَموم ما وقفت ، والليل بقى يجيب حر وكتمة، اها التريا نامن تجيب الحر والكتمة بالليل معناها عينات الخريف الجايات بكونن سمحات..وربكم كريم).
هكذا كان يفتي ذاك المنصوري.وكثيراً ما كنت أسمع أخباره (وتوقعاته للطقس على المدى الطويل)كنت اسمعها من أهلنا ومن أهل كبوشية وما جاورها.
* منذ أيام كنتا طالب بالكلية كانت تراودني فكرة عمل "كالندر" أو تقويم خاص بهذه المنازل..وأذكر أنني بدأت بالتخطيط للأعمال الفنية المصاحبة له..
وأذكر انني تحصلت على كتاب يتحدث عن الدوبيت في بادية الكبابيش ، وفيه وجدت شاعراً (إسمه ود الزمزمي)يتناول كل هذه المنازل عن طريق الدوبيت..يتتبع السنة كاملة
مبيناً ملامح كل منزل..ولكن بكل أسف لم تمكنني الظروف من إكمال الفكرة!!
* في البرنامج الاسبوعي (شوارد)على قناة تلفزيون السودان وفي الاسابيع الماضية في واحدة من حلقاته كان الحديث عن عينات الخريف، عبر الدوبيت أذكر ان الضيوف وهم من اهل البطانة قالوا فيها كلاماً
عجيباً . شعر بطانة يوصف عينات الخريف وصفاً أقرب الى الجنون من حيث اللغة والوصف.وهي نفس فكرة ود الزمزمي في بادية الكبابيش.
عليه حتى أعود لكم مرة أخرى ..أترككم مع هذه النماذج من اقوال ود الزمزمي الكباشي الذي بذكائه تغنى للمنازل وفي كل منزل يضمّن بعضاً من أشواقه لمحبوبته وتارة بعضاً من أشواقه لبيئته ولإبله:
الضُراع:
مرق نجم الضُراع وهَطلَن أمطارو
قاموا المِنتبهين لي زرعو ولزيز أثمارو
جنابت الشَمِش الحربي طلب نُظارو
غادي مسافة يا مولاي تقرِّب داروالنترة:
نجم النترة طلّق زيفو وسحابو اللَّمه
العين ساهرة ديمة والكبد مِنسمَّه
سِيد أُم قُجة من درب الوكر ما همُّ
خلف الساق علي ضهر المِزاول نمُّأعدكم بأنني سأعود لهذا الموضوع متى ما وجدت ما كتبته سابقاً ، ولو محظوظين ألقى بعض الصور للموضوع كمان
.
مع خالص التحايا لكم جميعاً