بنات الحلة الصغيرات كنسن الساحة في ذلك العصر ,
الأطفال الصغار ,بمتعة متناهية تنتمي إلى اللعب, رشوا رمل تلك الساحة بالماء.
داخل البيوت كانت النسوة يقمن بتجهيز تفاصيل الإفطار الذي سيخرج إلى
تلك الساحة في الصواني المغطاة بالاطباق الملونة, دائما النسوة يتنافسن
في افطار يوم الجمعة. يوم الجمعة يوم خاص في أيام رمضان لذلك لابد
من توسيعة فيه, أطباق طعام خاصة في ذلك اليوم مشروبات خاصة
تكسر ديمومة مشروب الحلومر و الآبري الأبيض في الأيام العادية.
إقتربت الشمس من مغيبها و قد رصت البروش علي تلك الساحة, بدأت
صواني الطعام تتوافد من داخل البيوت إلى الساحة, الشيخ عبد التواب كان
أول من جلس في الساحة, يعترض طريق المارين في الشارع داعيا إياهم
للإفطار و بالحاح سوداني تلقائي لا علاقة له بالموائد المفتعلة جدا هذه الايام ..
أذّن الآذان و بدأت الحلوق تستقبل المشروبات الرمضانية الأصابع تتلقف
البلح الملين بالماء, و كعادة الشيخ عبد التواب أكل بلحتين و شرب القليل
من الماء و نادي في ذلك الجمع و كأنه يحاول التخلص من عبء الإمامة
الصلاة يا اخوانا..
وهم الجميع أبعدت صواني المشروبات ووضعت بجانب صواني الأكل المتنوع
و الشهي ,في ذلك اليوم الجمعة رصت كل الصواني خلف البروش و أقام
محمدين الصلاة بصوت قوي.
أثناء اصطفاف الجمع و حين كبر الشيخ عبد التواب التكبيرة الأولي, كان
خميس قد اقترب من تلك الساحة بعد أن خرج من مخبئه, خلف صريف
بيت صلحة الدلالية.. خميس عادة ما يداهم موائد الإفطار في رمضان
و
يداهم ملمات العوازيم بمناسباتها المختلفة. كان خميس أبلها لا يؤاخذ على أفعاله ,و هي افعال أدمنت إقتحام العزائم لان به شرها مجنونا للطعام ,يستطيع خميس أن يقضي علي عزومة كاملة تكفي لاكثر من عشرين شخصا .المهم اقترب خميس من صواني الطعام و المشروبات والمصلون كانوا ينحنون للسجدة الأولي من صلاة المغرب. القريبون من تلك الصواني الموضوعة خلف البروش أحسوا باقتراب خميس هكذا كان الوضع خميس خلف المصلين و أمامه الصواني متاحة..
خميس يقترب أولا من الصواني التي بها المشروبات الرمضانية يرفع غطاء
كورة و يصيح بانفعال :
كركدي لا اله الا الله ..
و يسمع المصلون حركة مشروب الكركدي و هو يمر بحلق خميس بقرطعة
عالية ..
الشيخ عبد التواب يحس بمداهمة خميس, و يرفع صوته عاليا بالتكبير و
محمدين يكرر ذلك بصوت أعلى و كأنه يحاول بذلك إيقاف فعل خميس.
خميس يرفع غطاء سلطانية و يصيح فرحا:
قمر دين لا اله الا الله ..
و يعلو صوت الشيخ عبد التواب بالتكبير متماهيا مع محاولة إبعاد خميس
و يعلو بدرجة أعلى صوت محمدين مقيم الصلاة و هي محاولة أيضا لإبعاد
خميس عن الصواني و لكن علي طريقة إياك أعني يا جارة
قدو قدو لا اله الا الله ..
المصلين يتململ منهم من يتململ برية داخلية تحاول إدعاء الخشوع
خميس ينتقل إلى صواني الطعام يرفع طبقا عن صينية و يصيح متهللا
لحمه محمره لا اله الا الله..
و يتداخل صوت الشيخ عبد التواب العالي أكثر من اللازم وهو يقرأ سورة صغيرة من القرآن مع صوت مضغ خميس النهم
حمام محشي لا اله الا الله ...
محمدين يهدد بصوته خميس و هو يقول سمع الله لمن حمده
كمونية لا اله الا الله ...
الصلاة تضطرب و الخشوع بهتز بهذا المهدد الخطير
باميه مفروكة لا اله الا الله...
أحدهم في الصف الأخير لا يملك إلا أن يلتفت ليري خميس و هو يشرب
ملاح البامية بطريقة غريبة و يرجع إلى صلاته خائفا من فضيحة إنفلات
خشوعه
جداده محمره لا اله الا الله...
و هنا لم يحتمل الامام الشيخ عبد التواب هجمة خميس الشرسة و الشرهة
علي صواني الطعام و بعد ان فقد خشوعه ما كان منه الا ان قطع الصلاة
صائحا :
ما ما معقول يا خميس
و هجم بقية المصلين علي خميس الذي فر و هو يحمل بين يديه صحن
فته كبير مزينا بالارز و اللحوم و كان يضحك بطريقة غريبة
و بغضب جائع قال نور العين الترزي للشيخ عبد التواب
يا شيخ عبد التواب تاني ناكل أول حتي نصلي
و هكذا تغيرت طريقة الشيخ عبد التواب في أداء صلاة المغرب في رمضان
و ذلك خوفا من هجمة خميس الشرهة
وصلني بالاميل من صديق ....